الخميس، 29 أبريل 2010

التقاء الارواح ( على الحب)


تعال لكى نغادر دنيانا هذه ونهرب الى عالم اوسع ، ماذا باستطاعة دنيا كهذه ان تقدم لنا ؟

استرجع كيف كان يخرج كل صباح الى صالة الانترنت التى كان يعمل بها، فينظف الصالة جيدا ثم يجلس فى مقعده المعتاد ، يطوى بين جنباته الرغبة فى التغلغل والطيران الى فضاءات قصية ، تلك هى الروح عندما تحاصر .

- من اين انت ؟
- من هذا العالم الواسع
- الاسم ؟
- اشرف
- العمر ؟
- 21
- وبعد ؟
- كفى
قلت لك باننى مثلى ، اظن بان هذا يكفى .
قلت لى بان اسمك هو صفة للعدل ، اسمك اذا هو ( عادل )...اجل عادل ..
قلت لى بانك تتاسف وتتحسر لانك مثلى ، وبانك مررت بحب فاشل لم يخلف وراءه سوى الما اردى قلبك واصابه بالوهن ، لذا ارى بانك فى البدء توجست منى وقلت لى الا اتدخل فيما لا يعنينى والا ابدى رايى بك...
عادل...اسمك مفقود فى هذه الدنيا يا حزين القلب..

( صدقنى ان قلت لك ياحزين القلب باننى لست من رواد ( الشات ) ولم امارسه من قبل ، بالرغم من اننى اعرفه جيدا ، حتى اطل ذلك الصباح العذب وحدث ما حدث، ولكم كانت تلك اللحظة مترعة بالفرح والتوتر اللذيذ....كيف لى ان امسك بهذا الطائر الجميل الذى طوحت به شبكة النت ، والقت به فى صدفة عجائبية الى عالمى.

اعرف انك لست على شاكلة اولئك الذين يدمنون ( الشات ) ، احسست بذلك منذ البداية عبر كلماتك واشاراتك ، وعمدتها فيما بعد بابيات من شعرك الجميل الذى رسم لك صورة حلوة فى مخيلتى....فشرعت ادندن للطائر الجميل كى امنحه الطمانينة واريح جناحيه من وطء الخفقان..
نعم ، اعترف باننى ربما اكون قد اثرت شيئا من الضجر الذى قد يفهم خطا على انه الحاح لا طائل من ورائه..لكنها الرغبة المجنونة فى التواصل، وما تفعله تلك الحاجات الدفينة التى باتت تعتمل عميقا فى نفوسنا وما من متنفس لها...فناديت عليك مرات ومرات ، وكنت اتعمد فى كل يوم ترك كلماتى عند نافذتك على ان احظى بك...
فى البدء قلت لى ان ما ينبغى ان يشدنا الى هذه الحياة هى جوهرها وليس ما يطفو على السطح...
- اريد ان اراك
- قد تفسد الرؤية ما بنيناه
-لا
- لا داعى لان نتجسد ، لنبقى فى الاثير ، العالم هنا اوسع ، انقى ، اجمل ، الارواح لا تحط على الارض ، الارواح تطير..تحلق..
كان الطريق مزدحما بالمارة ، يغمره لغط وضحكات ، صيحات تتعالى من هنا وهناك ، ابواب محلات تفتح وتغلق ، اناس يدخلون ويخرجون ، اصوات منبهات السيارات ، موسيقى واغانى بدت له متهتكة ، فيما بعد راحت عيناه تراقب الجهة المقابلة ، عله يلمح عادل، لمحة واحدة تكفى ، سيميزه بروحه ، سيضئ وجه عادل له من بين كل الوجوه ، وسيعبر اليه ، ويخترق كل هذه الامواج البشرية التى تحتويه ، ستقوده خطواته الى حيث يقف عادل ، كما لو كان ذاهبا الى ارضا بكر لم يطاها احد من قبل ، ليرى وجها لطالما اطل عليه فى احلامه ، وتراءى له بابتسامات ونظرات ملائكية...اترى سيبقى هذا الفيض الذى تضج به روح اشرف عندما سيلقى عادل؟ لكم نازعته الرغبة فى ان يبقى الامر رهين التواصل عن بعد ، فالارواح يفسدها النزول الى الطرقات..
جال المكان بعينيه مرة اخرى ، حرك راسه يمينا وشمالا احس كما لو كان غارقا ينشد الحياة ، هل وصل عادل الى المكان ؟ قد يكون على مقربة منه وهو لايدرى ،يرمق ارتباكه ويخبطه . ومر وقت طويل ايقظ فى ذاكرته الاما بعيدة خشى ان تعود.
وفجاة لمح امامه شابا قامته طويلة بعض الشئ ، يدفع بخطوات هادئة صوب شجرة معمرة انتصبت على جانب الرصيف ، توقف واستدار ببطء كان يرتدى نفس الملبس الذى قال بانه سوف يرتديه حتى يستطيع اشرف ان يميزه ، وكان بذات العينين اللتين تخيلهما وذات الملامح التى رسمها خيال اشرف...بالتاكيد انه صاحب الاسم المفقود..انه عادل ، خطوات فقط وتذوب صورة الخيال ويحل التجسد ، سيرى كلاهما الاخر وتحل الرؤية محل التجاذب الروحى الذى كان يشدهما.
توقفت خطوات اشرف وكانه اراد ان يتراجع...هل هو الخوف؟...ام الخجل؟....ام ان هناك هاجسا عصف بكيانه وملا عقله..
هنا تتقاطع اشياء مع اشياء اخرى
هنا يحيا الحب او يموت
هنا تبدا الحكاية ببريق او تنتهى دونما اى بريق
هل يكتفى بالرؤية من بعيد؟...هل يكتفى برؤية حلمه يتجسد امامه ثم يمضى تاركا ذلك الحلم ورائه ؟..هل ستذهب كل تلك المواجيد هباء وتتلاشى؟!
ام ان اشرف سيمضى ويقابل عادل ؟


( تمت )