السبت، 29 يناير 2011

دافئ القلب


استلقى بجسدى على المقعد , استرخى فيه تماما, التفت الى النافذة.....هل يفكر بى الان؟...ليته لا ينسانى...ليتنى استطيع ان احدثه كل صباح ..وكل مساء...اى تشرد هذا الذى اشعر به الان؟؟!

مع هبوب رياح الشتاء كان لقاءنا..لاجله كنت مستعدا ان ابقى معه حتى اخر لحظة من الليل...عند لقاءنا الثانى عاتبنى عتابا خفيفا...قال لى: لم تترك لى عند نافذتى ولا رسالة واحدة ..قلت له بحرج وخجل: سامحنى.. لم اجدك مرات كثيرة فاثرت ان اصمت فى كل مرة..صدقنى يا دافىء القلب باننى كنت دائما اسال عنك ولا اجدك...فهل كنت تسال عنى؟؟

السيدة العجوز التى فى جوارى احس بها الان تفتح حقيبة يدها , تنظر الى شىء ما فى داخل حقيبتها.. تستله قليلا, تنظر اليه ثم تقفل الحقيبة...هى من غير شك تنظر الى مراة صغيرة , تطمئن الى كحلها, وجهها هادىء من غير زينة , ولكنها منذ جلوسها بجوارى قبل عشر دقائق, فتحت حقيبتها مرتين او ثلاثا....المشفى شديد الازدحام فى هذه الليلة..اندب حظى السىء الذى اتى بى مريضا الى هنا..
اتذكر حديثه لى ليلتها عن الامل ونسيان الالام والاحزان..قال لى ما ذنب احبتك فى ان يروك فى حالة يائسة..ما ذنبهم فى ان تمنعهم من رؤية ضحكاتك..ثم اتبع حديثه بشىء من الغزل: ان لك ضحكة جميلة لا تحرمهم من رؤيتها..ثم واصل قائلا : اشرف.. بماذا تشعر عندما تتحدث الى؟؟...قلت له لا ادرى , ولكن على اى حال هو شعور جميل واحساس رائع لا استطيع وصفه...
تحدثنا كثيرا وكثيرا..كان قليل الكلام.. ولكنه عميق الاحساس ومرهف المشاعر احسست بذلك من اول مرة التقيته فيها..قال لى: اننى اريد ان احب..اريد ان احب شخصا وان امنحه كل السعادة...تستطيع ان تقول شخصا هو اول من افكر فيه عندما اصحو من النوم...قلت له باننى اعشق الاغانى العربية كثيرا اننى اعشق صوت فيروز ولكم احببت غناء العندليب..اننى اعشق الروايات ...روايات الطيب صالح ونجيب محفوظ واحلام مستغانمى...عشقت فيلم التايتنك بكل تفاصيله وبكل لحظاته الرومانسية الرائعة وبكل دموعه... اتدرى بماذا احلم ؟؟...اننى احلم بشمس حمراء عند الغروب.. اجلس وبجوارى من احب ..منطقة خضراء واشجار جميلة....قال لى : وما المانع من ان يتحقق حلمك؟؟..اثرت ان اصمت قليلا.. بغصة مريرة قلت له: ربما يتحقق ذات يوم...

جارتى العجوز تغلق حقيبتها, لاشك انها اختلست نظرة الى المراة , ماذا؟؟..هل سانتظر كثيرا حتى ياتى دورى الى الطبيب؟..

مرة قلت له: ان فى قلبى حبا كبيرا اريد ان اعطيه لمن يستحقه...قال لى ومن يستحقه؟؟.. قلت له انت؟...قال ولماذا انا؟؟...فقلت له لان قلبك دافىء فى البرد..

السيدة العجوز بجوارى لاتزال تفتح حقيبتها وتغلقها, تنظر الى المراة قليلا ولكنها لا تصلح حجابها ولا تسوى حاجبها , فقط تكتفى بالنظر الى المراة ، عندما قعدت الى جوارى القت السلام بهدوء, حتى انى لم اسمع ماذا قالت , مساء الخير ام صباح الخير, هل ابادرها بالكلام واسالها عن الشىء الذى اتى بها الى المشفى ..كيف اسالها؟؟

اذكر بانه قال لى فى اخر مرة التقينا فيها : اشرف اعذرنى..فانا مضطر الى الذهاب الان....انتظر منى مكالمة هاتفية بعد ان اصلح هاتفى المعطل..لكن اعلم بان هناك اشخاصا يحبونك ويريدون ان يضعوك فى اعينهم...
لا ادرى بماذا شعرت فى تلك اللحظة ...وكاننى على وشك ان افقد شيئا جميلا انس وحدتى وغمر قلبى بالدفء..الان وبعد مرور اكثر من اسبوع لم اسمع صوته ولم اجد منه رسالة عند نافذتى...هل لا يزال هاتفه معطلا؟؟...ربما لم يجد شخصا ماهرا يصلح هاتفه؟؟...ام انه ربما نسينى فى تلك الليلة؟؟..ربما كنت ضيفا ثقيلا عليه؟؟ ...الا اننى لا زلت فى كل صباح اتمنى ان يرن هاتفى واحظى بصوته...او احظى برسالة منه فى المساء...

السيدة العجوز الى جوارى , احس بها وهى تفتح حقيبة يدها, تستل منها المراة , تخرجها من الحقيبة, ترفعها الى مستوى نظرها , ترى وجهها, هكذا احس بها من غير ان التفت..يدفعنى الفضول..التفت قليلا, اختلس النظر الى المراة, غير معقول!! , ليست مراة, هى صورة...استوى فى مقعدى, التفت الى السيدة مباشرة, اتكلم:
_ جميلة جدا هذه الطفلة الصغيرة, لا شك انها عزيزة الى نفسك.

تلتفت الى السيدة العجوز, وجهها يقابل وجهى , مازال فيه بقايا من جمال انيق ..تصلح حجاب راسها ثم تتكلم بصوت هادىء:

_ شكرا لك يا بنى, هذه حفيدتى الصغيرة..اسمها حنين , هى اثيرة جدا الى نفسى , لكن مع الاسف سافرت مع والديها الى الخارج...لم اجد حيلة تجعلهم لا يسافرون..لو تدرى كم كنت احبها... قلت لابنتى فى محاولة يائسة: اتركى حنين معى استطيع ان اعتنى بها جيدا..الا انها قالت لى بانهم ذاهبون للعمل لفترة طويلة, و باننى امراة كبيرة ومريضة لا استطيع تحمل عبء الاعتناء بها..كل اولادى تشتتوا فى البلاد, واحدة فى كندا والثانية فى استراليا, ولدى الوحيد فى باريس...اتمنى لو تركو لى حفيدتى حنين..لو تركتها ابنتى معى كنت ساعتنى بها جيدا..كنت مستعدة لاشفى من اجلها...لا ادرى لماذا ذهبوا جميعا وتركونى وحيدة....ترى هل ساكون على قيد الحياة عند رجوع حنين؟؟
تصمت هنيهة, ثم تتكلم بصوت متقطع كانها تحبس دموعها:

-ارجو الا اكون قد ازعجتك بالحديث عنها؟!

هل احدثها انا عن دافىء القلب؟؟


(تمت).

الخميس، 6 يناير 2011

شعاع امل


كثيرا ما اذرف الدموع فى هذه الاوقات...كثيرا ما اشعر بالالم..بالندم..بالبرودة وانعدام الدفء..صار التوتر جزء من لحظاتى...
ساكتب بعد غيبة طويلة..احتاج لان ابوح لان اتكلم....
خطيئتان اثقلتا قلبى بالحزن...مثليتى قامت بذبحى ...افقد توازنى ..افكار انتحار تراودنى لكنى اتخلى عنها لاجد الباس فى انتظارى...اقارن نفسى بكل من اصادفه هذه اصبحت هوايتى فاكتشف باننى مجنون حد الغرابة...مخطىء حد الهلاك...
ساكتب بعد غيبة طويلة..احتاج لان ابوح لان اتكلم..
صرت من شدة الالم والحزن لا استطيع ذرف الدموع...المى اكبر من ان تذرف عيناى الدموع لاجله..فاشعر بقلبى يتمزق..
خطيئتان اثقلتا قلبى بالحزن.. ربما كان القدر من وضعنى امامهما...كل شىء جاهز لكى ابوح....هاهى دموع تتساقط....وها هو قلبى يتمزق....

فى البيت صار كل شىء يشعرنى بالالم...نظرات والدتى وهى تقول لى: ما بك؟...ضحكاتهم..واصواتهم..كل شىء صار مؤلما كحد السيف.....
ساكتب بعد غيبة طويلة..احتاج لان ابوح لان اتكلم..

اخذت عهدا على نفسى بان اصون خاطرى عن الخطيئة..الا ان هناك غصة مريرة تلازمنى فى حلقى..اغشى المساجد وادعوا...الا ان هناك غصة مريرة تلازمنى فى حلقى...اضحك امام احبتى....الا ان هناك غصة مريرة تلازمنى فى حلقى...
فى كل ليلة اخلو بسريرى اتغطى فاشعر بالعرى...فيتمزق قلبى من فجيعتى..وتفيض عينى ببضع دمعات مع كثير من الاسى...اصحو على صوت اذان الفجر..اجلس على حافة السرير...اذرف بضع دمعات فتتساقط على قلبى المحترق ...اتوضا واذهب الى المسجد...اعود الى سريرى ممسكا بالمصحف الشريف...اتلو بضع ايات فتفيض عينى بالدمع...
اننى اشعر فى كثير من اللحظات باننى لا اقوى على الحياة..ولكنى وبرغم ذلك اقاوم واقاوم...
سابدا من جديد..اجل سابدا من جديد..مع كل هذا الالم والدمار سابدا من جديد..فانا اشعر بشعاع امل ياتينى من فتحة ما...ولكن هذه المرة ساكون اكثر حذرا واكثر قوة واكثر ايمانا...اشعر بامل كبير فى قلبى بان تسير الامور على ما يرام.. احلم بالحب.. ولكن حبا صادقا عفيفا...ساجده بين الاحبه.